وتطوير صفاتها الوراثية. ويعتمد نجاح عملية التطعيم بشكل كبير على نوع حامل الطعم
(الأصل Rootstock) الذي تُركب عليه السلالة المرغوبة أو الطُعم (Scion).
السؤال الذي يطرح نفسه بين الفلاحين والمهندسين الزراعيين هو:
هل من الأفضل أن يكون الأصل الناتج من بذرة (أي أصل بذري)
أم من عقلة خضرية أو خشبية (أي أصل خضري أو إكثاري بالعُقل)؟
في هذا المقال الشامل سنقارن بين النوعين من حيث القوة، التجانس، مقاومة الأمراض، والعمر الإنتاجي،
مع توضيح الحالات التي يُفضَّل فيها كل نوع حسب نوع المحصول وطبيعة التربة.
🌱 أولًا: ما هو حامل الطُعم في التطعيم الزراعي؟
حامل الطُعم أو الأصل هو الجزء السفلي من النبات الذي يحتوي على الجذور
ويُركّب عليه الطُعم المرغوب الذي يعطي الصنف المثمر.
يلعب الأصل دورًا مهمًا في تحديد:
- قوة النمو ومعدل الامتصاص.
- قدرة النبات على مقاومة الملوحة أو الجفاف.
- التحمل للأمراض الفيروسية والفطرية.
- عمر الشجرة وإنتاجيتها النهائية.
إذًا، اختيار الأصل المناسب هو أساس نجاح عملية التطعيم واستدامة الشجرة.
🌰 ثانيًا: الأصل الناتج من البذور (الأصل البذري)
الأصل البذري هو نبات ناتج من بذرة جنسية يتم إنباتها للحصول على أصل قوي يحمل الطعم لاحقًا.
ويُستخدم هذا النوع في العديد من الأشجار مثل الزيتون، الحمضيات، المشمش، واللوز.
✅ المميزات:
- قوة نمو عالية وجذور عميقة تخترق التربة بسهولة.
- عمر طويل ومقاومة جيدة للجفاف.
- تحمل أفضل لظروف التربة الصعبة نسبياً.
- نسبة نجاح عالية في التطعيمات الميدانية.
❌ العيوب:
- تفاوت كبير بين النباتات الناتجة من البذور (عدم التجانس الوراثي).
- صعوبة التحكم في حجم الشجرة النهائي (غالباً قوية النمو).
- تأخر في الدخول إلى مرحلة الإثمار مقارنة بالأصول الخضرية.
🌿 ثالثًا: الأصل الناتج من العُقل (الأصل الخضري أو الإكثاري)
الأصل الخضري يُستحصل عليه من عُقلة نباتية مأخوذة من أصل معروف
يتم تجذيرها لتصبح نباتًا كاملاً يُستخدم كحامل للطُعم.
يُستخدم هذا النظام في الكثير من المحاصيل الحديثة مثل العنب، الزيتون، والتفاح المطعوم على أصول منسقة.
✅ المميزات:
- تجانس وراثي تام بين الأصول لأن جميعها نسخ مطابقة من نفس النبات الأم.
- سهولة التحكم في نمو الشجرة وحجمها (إنتاج أصول مقزمة أو متوسطة الحجم).
- إثمار مبكر وإنتاج منتظم.
- تطابق كبير في استجابة الأشجار للتسميد والري.
❌ العيوب:
- جذور سطحية وضعيفة نسبيًا مقارنة بالأصل البذري.
- حساسية أكبر للجفاف والملوحة.
- عمر إنتاجي أقصر نسبيًا في بعض الحالات.
📊 مقارنة شاملة بين الأصل البذري والأصل الخضري
العنصر المقارن | الأصل البذري | الأصل الخضري (من العُقل) |
---|---|---|
القوة والجذور | قوية الجذور، عميقة في التربة | جذور سطحية نسبياً |
التجانس الوراثي | ضعيف (تفاوت بين النباتات) | عالٍ جدًا (مطابق تماماً للأصل) |
العمر الإنتاجي | طويل (حتى 50 سنة في الزيتون) | متوسط إلى قصير (15–25 سنة) |
التحمل للجفاف والملوحة | مرتفع | منخفض إلى متوسط |
دخول الإثمار | متأخر | مبكر |
الثبات في الإنتاج | متقلب نوعًا ما | منتظم ومتناسق |
التكلفة والإكثار | منخفضة وسهلة من البذور | أعلى وتحتاج تقنيات تجذير دقيقة |
🌾 رابعًا: متى نختار الأصل البذري ومتى نختار الأصل الخضري؟
يعتمد اختيار نوع الأصل على نوع الشجرة وظروف الزراعة:
- في المناطق الجافة أو الفقيرة بالماء: يُفضل الأصل البذري لأنه أكثر تحملاً للجفاف والحرارة.
- في الزراعة المكثفة أو داخل البيوت المحمية: يُفضل الأصل الخضري لتوحيد النمو والإنتاج.
- لأشجار الزيتون: يمكن استعمال أصول بذريّة مثل “الزيتون البري” لمقاومة الجفاف، أو أصول خضرية مثل “أربكوينا” للزراعة المكثفة.
- للعنب والتفاح والحمضيات: غالبًا يُفضل الأصل الخضري المتحكم في النمو والإنتاج.
💡 خامسًا: رأي الخبراء
يرى العديد من المهندسين الزراعيين أن الجمع بين النوعين حسب الهدف الزراعي هو الحل المثالي:
فالأصل البذري مناسب للمشاتل القاعدية وللظروف الصعبة،
بينما الأصل الخضري يضمن تجانسًا عاليًا في المزارع التجارية الحديثة التي تستخدم الريّ بالتنقيط والتسميد الدقيق.
📌 الخلاصة
لا يمكن القول إن أحد النوعين أفضل مطلقًا، بل يتوقف الأمر على طبيعة التربة، المناخ، ونوع المحصول.
إذا كنت تبحث عن قوة تحمل وعمر طويل، فالأصل البذري هو الأنسب.
أما إذا كنت تهدف إلى إنتاج موحد وسريع في إطار زراعة مكثفة، فالأصل الخضري من العُقل هو الخيار الأفضل.
من هنا، يبقى نجاح عملية التطعيم الزراعي مرتبطًا باختيار الأصل المناسب للطُعم المرغوب،
والتوافق بين الصفات الفسيولوجية لكليهما.