في تصريح لجريدة الحوار، أوضح المهندس الفلاحي سفيان فلاح أن رقمنة القطاع الفلاحي عادت بقوة إلى واجهة الاهتمام الوطني باعتبارها خيارًا استراتيجيًا لمواجهة التحديات وضمان الأمن الغذائي. فالقطاع اليوم يحتاج إلى عصرنة حقيقية، إعادة هيكلة شاملة، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة حتى يصبح أكثر جاذبية للشباب وأكثر مساهمة في الاقتصاد الوطني.
الرقمنة لضبط السوق الوطنية.
تمثل الرقمنة أداة فعالة لضبط السوق الوطنية من خلال جمع بيانات دقيقة حول الإنتاج، الكميات المتوفرة، وتوزيعها في الوقت الحقيقي، ما يقلل من المضاربة والندرة المصطنعة. وقد شكّل السجل الوطني الزراعي الرقمي، الذي اكتمل في 58 ولاية، خطوة كبيرة نحو بناء قاعدة بيانات موثوقة للفلاحين تشكّل أساسًا لاتخاذ قرارات دقيقة وسريعة.
كما تسهم البوابات الإلكترونية في تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليص البيروقراطية، في حين أطلقت الوزارة أنظمة رقمية متطورة لتقنين الأراضي الفلاحية، ما يعزز الأمن القانوني ويفتح الباب أمام استثمارات جديدة.
الرقمنة وسيلة لإدماج الذكاء الاصطناعي والزراعة الذكية.
الرقمنة ليست مجرد برمجيات، بل هي بوابة نحو الزراعة الذكية. باستخدام الخرائط الرقمية للتربة والمناخ، يمكن تحديد أنسب المحاصيل لكل منطقة جغرافية، ما يقلّل من المخاطر المرتبطة بالزراعات غير الملائمة ويعزز الاستغلال الأمثل للأراضي الصحراوية.
أظهرت التجارب أن الزراعة الدقيقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد تقلل استهلاك المياه بنسبة 30% وتزيد الإنتاجية بنسبة تصل إلى 25%، وهي مؤشرات تعكس الإمكانيات الضخمة المتاحة حال تبنّي الرقمنة على نطاق واسع.
التنبؤ بالإنتاج وخلق زراعات جديدة من خلال الرقمنة.
يُبرز الخبير أن الرقمنة ليست خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة استراتيجية: فعبر تحكّم مضبوط في البيانات يمكن التنبؤ بالإنتاج، ضبط سلاسل التزويد، وابتكار زراعات تتلاءم والسوق والمناخ. ومع مساهمة القطاع الفلاحي حاليًا بنسبة تقارب 18% من الناتج الداخلي الخام، فإن دمج التكنولوجيا يمكن أن يرفع الإنتاجية بنسبة 20% ويقلص الفاقد بعد الحصاد بـ30%.
التحديات والآفاق المتعلقة بالرقمنة.
رغم المكاسب المتوقعة، تبقى تحديات ملموسة مثل ضعف البنية التحتية الرقمية في المناطق الريفية، نقص التكوين لدى الفلاحين، وتكاليف المعدات الذكية. ومع ذلك، تُعدّ الإرادة السياسية ووجود جيل شاب مهتم بالتحول الرقمي عاملين محفزين يدعمان إمكانية تحقيق قفزة نوعية في القطاع.
التحوّل الرقمي ليس مستقبل الفلاحة فحسب، بل هو الحاضر الذي يفرض نفسه بقوة. إن تبنّيه مبكرًا في بداية الموسم الفلاحي 2025/2026 سيمنح الجزائر فرصة لتعزيز الاكتفاء الذاتي، تنويع الإنتاج، ورفع القيمة المضافة الزراعية.
يمكنك تصفح المقالة كاملتا من خلال هذا الرابط.